ايجابيات وسلبيات التعميمين 158 و166 -- Jul 07 , 2025 16
تعددت الآراء وكثرت التحاليل بما خص ما قام به حاكم مصرف لبنان كريم سعيد بشأن رفع سقف قيمة السحوبات المالية من المصارف وفقا للتعميمين ١٥٨ و١٦٦ وقد انقسمت ما بين مرحب واعتبار الخطوة إيجابية وما بين من اعتبرها خطوة سلبية وتخوف منها كي تنسي المودعين ودائعهم المحجوزة في المصارف، لكن في مطلق الأحوال بات باستطاعة المودعين الاستفادة وفقا للتعميمين من سحب ٨٠٠ دولار حسب التعميم ١٥٨ وسحب ٤٠٠ دولار حسب التعميم ١٦٦.
نسيب غبريل كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس كيف يرى الخطوة وهل هي خطوة جيدة ولماذا قام مصرف لبنان حسب اعتقاده برفع قيمة السحوبات وفقا للتعميمين ١٥٨ و١٦٦؟٠٠
يقول غبريل :
هذا الأمر هو أمر محق لكن الأهم برأيي هو التركيز على الأسباب الموجبة التي طرحها مصرف لبنان في التعميمين وهو يعطي اسبابا موجبة جدا وواضحة ودقيقة أيضا وهي يقول بشكل عملي انه بانتظار الحل المكتمل للموضوع المصرفي والاصلاحات المتوجبة اي أنه بمعنى آخر يقول إن الحل متأخر وبما انه ليس بيده الأدوات القانونية والتشريعية إذ لا يحق له اصدار القوانين او التصويت عليها إلى جانب وجود حاجة اجتماعية واقتصادية خصوصا ان ودائع مئات آلاف اللبنانيين مجمدة بالمصارف منذ سنوات اتخذ هذا القرار وقام برفع سقف قيمة السحوبات وهو بمعنى آخر ايضا يقول إنه لن ينتظر اصدار القوانين والملاحظ من خلال كلامه هذا أن الحل الشامل متأخر. انا هذا ما فهمته من قراءة الأسباب الموجبة لتعميمه الأخير وهي المرة الأولى التي يقوم بها المصرف المركزي منذ صدور التعاميم المصرفية إلى إعطاء أسباب واضحة جدا ومفصلة لاتخاذ قراره هذا. إنه قرار مهم بالنسبة لي وهو يساعد الناس وهو حقهم إذ لا منة من احد سواء أكان مصرف لبنان او اي مصدر آخر بهذا الشأن. إن المصرف المركزي مع رفعه قيمة السحوبات يحدد الأسباب وما قرأته شخصيا بين السطور انه اتخذ هذا القرار لأنه يوجد تأخير بالحل الشامل.
لكن وزير المال صرح بأن قانون إصلاح المصارف سيتم اقراره قبل نهاية هذا الشهر فما ردكم على ذلك؟ يوجد فرق بين الموضوعين اي بين إعادة الانتظام المصرفي وما يسمونه مشروع قانون الفجوة المالية . انا أرى أنه يجب تسمية هذا المشروع قانون تحديد مصير الودائع إذ إنني لا اوافق على عبارة الفجوة المالية إذ معناها هو أن لا أحد يتحمل المسؤولية لأن معنى الفجوة المالية هو خسائر لدى المصرف المركزي والدولة لا تريد تحمل جزء من هذه المسؤولية رغم أن المادة ١١٣من قانون التسليف واضحة بهذا الشأن وهي تقول إن اي خسائر يتكبدها المصرف المركزي على الدولة مضطرة الى تغطيتها ، إذن يوجد إهمال للمادة ١١٣ ومن جهة أخرى يقال عبارة فجوة مالية اي خسائر حسب اعتبارهم وهم لا يريدون رد اي شيء من التزاماتهم. إن هذا القانون بالنتيجة يجب تسميته قانون تحديد مصير الودائع وهو أمر مختلف عن قانون إعادة الانتظام المالي الذي تدرسه اللجان والذي ربما سيقر في نهاية هذا الشهر .
الا تعتقدون انهم بعد ذلك سينصرفون إلى إقرار قانون الفجوة المالية؟ إن تطبيق قانون إعادة الانتظام المالي مرتبط بمشروع تحديد مصير الودائع.
كم تقدرون قيمة السحوبات التي ستزيد بعد قرار المصرف المركزي الأخير؟ المقصود بالسؤال هو برأيي كم تبلغ كلفة التعميمين!... حسب آخر إصدار للمصرف المركزي فقد بلغت السحوبات منذ اصدار التعميمين ٣ مليار و٤٠٠ مليون دولار. من الصعب اليوم تقدير الكلفة الجديدة . لقد استفاد البعض من التعميم ١٥٨ وسحب كل ودائعه ولم يعد لديه اي رصيد في المصرف، لكن هذا لا يمنع انه لا يزال يوجد مبالغ لم تسحب. علينا التنبيه ايضا أن الاحتياطي الذي يبلغ ١١مليارا و٣٠٠ مليون دولار حتى آخر شهر حزيران في المصرف المركزي هو من أموال المودعين وليس ملكا للمصرف المركزي او للدولة. يوجد جزء بسيط فقط للدولة لكن المبلغ هو إجمالا ودائع الناس والحل برأيي يبدأ بالاعتراف بأن هذا الاحتياطي هو ودائع الناس ويجب أن تعود إليهم تدريجيا وبسرعة.
الا تعتبرون انه برفع سقف قيمة السحوبات سيتم إقفال الكثير من الحسابات المصرفية بعد تسديد كامل لها؟ إن الهدف ليس إقفال الحسابات المصرفية إنما هو انصاف معين للمودعين وانا اعتبر الخطوة خطوة إيجابية ولا اعتقد ان المصرف المركزي قد أخذ برأي المصارف قبل الاقدام على قراره حسب تقديري الشخصي إذ إن بعض المصارف بالكاد تستطيع تغطية السقوف السابقة فكيف ستؤمن السيولة حاليا؟!
ماذا ستفعل اذن برأيكم؟
لقد قال المصرف المركزي في قراره الأخير ان باستطاعة المصارف استخدام ٣% من السيولة التي عليها تكوينها او التي تضعها في المصارف المراسلة لتسديد هذه الزيادة في السحوبات وقد منحها مهلة حتى آخر العام ٢٠٢٦ . لكن المصرف المركزي لم يقل ذلك في التعميم ١٦٦ولا اعلم اذا سقط ذلك منه سهوا. في كل الأحوال توجد أولوية لدى المصرف المركزي إذ يوجد تأخير في إصدار الحل المكتمل كما اسماه .
بعض المصارف لن تستطيع أن تدفع الزيادة للمودعين فكيف ستتصرف إزاء ذلك؟ إن أزمة السيولة لدى المصارف موجودة منذ اول يوم للازمة المالية لكن توجد سيولة للقطاع المصرفي ككل في المصارف المراسلة وهي تبلغ تقريبا حسب آخر أرقام ٥ مليار و٢٠٠ مليون دولار وهي بالطبع غير موزعة بالتساوي بين ٤٦ مصرفا. إن بعض المصارف لديها سيولة أكبر من غيرها والمصارف التي عليها تسديد التزامات السحوبات في التعميمين ولا تملك سيولة كافية تلجأ الى اساليب عديدة، منها بيع اليوروبوندز او بيع أصول وعقارات تملكها لكي تسدد للمودعين. لكن الأهم من كل ذلك هو الأسباب الموجبة في التعميمين وهي من الإيجابيات.
لماذا برأيكم ما زال الحل متأخرا؟
لا يوجد حتى الآن حل متبلور وواضح .
الا يؤثر هذا التأخير في القطاع المصرفي؟ بلى بالتأكيد والقطاع المصرفي جامد بانتظار الحل. ان موضوع الانتظام المصرفي أمر بسيط وسهل وسيتم وضع بعض التعديلات، لكن سيعلق العمل به حتى يتم إقرار القانون الأساسي وهو تحديد مصير الودائع. اننا ننتظر وسنرى كم سيسرعون باقراره. لا يوجد حتى الآن اي تصور لموضوع الودائع وما زلنا على مشروع قانون الحكومة السابقة ولم يتم طرح اي شيء جديد .
جوزف فرح - الديار